تدبير الله الأمور للبشر
إنّ الإيمان بتدبير الله عزّ وجل للأمور هو أساس العقيدة الإسلامية، إذ يقوم على اليقين بأن الله سبحانه هو الخالق المدبّر، الذي بيده ملكوت كل شيء، لا يغيب عن علمه مثقال ذرّة في السماوات ولا في الأرض. قال تعالى:
﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 164].
أولاً: معنى التدبير الإلهي
التدبير هو حسن التصريف والتقدير وفق الحكمة البالغة. وتدبير الله تعالى لشؤون البشر يعني أنّ حياتهم وأقدارهم، صغيرها وكبيرها، تسير وفق نظام إلهي محكم لا يخرج عن مشيئته وإرادته، مع منح الإنسان حرية الاختيار ضمن ما قدّر له.
ثانياً: صور تدبير الله للبشر
- في الخلق والرزق: فقد ضمن الله أرزاق العباد ووسائل حياتهم، فقال: ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: 6].
- في الهداية والتشريع: أنزل الكتب، وبعث الرسل، ليبيّن للناس طريق الحق ويهديهم سواء السبيل.
- في الابتلاء والتمحيص: يختبر الله عباده بالسرّاء والضرّاء، ليظهر صدق إيمانهم ويطهّر قلوبهم.
- في الحفظ والرعاية: يسخّر لهم ملائكته للحفظ، ويدفع عنهم من الشرور ما لا يعلمونه.
- في القضاء والقدر: ما يقع في حياة البشر من أحداث هو بقدر الله وعلمه السابق، فلا يحدث أمر إلا لحكمة يعلمها سبحانه.
ثالثاً: الحكمة من تدبير الله
- تحقيق العبودية لله واليقين بوحدانيته.
- بث الطمأنينة في النفس بأنّ كل ما يقع هو خير للمؤمن، وإن خفيت حكمته.
- تعليم الإنسان التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب.
- إظهار رحمة الله وعدله، إذ لا يظلم الناس شيئاً.
رابعاً: أثر الإيمان بتدبير الله في حياة الإنسان
- السكينة والرضا: يطمئن المؤمن بأن أموره كلها بيد الله.
- الطاعة والصبر: يدفعه الإيمان إلى الصبر على البلاء، والشكر في الرخاء.
- التوازن النفسي: يقلّل من القلق والخوف من المستقبل، لأنه يعلم أن الأمر كله لله.
- تحفيز العمل الصالح: لأن الله لا يضيّع أجر من أحسن عملاً.
خاتمة
إن تدبير الله لشؤون البشر هو رحمة إلهية كبرى، تدل على كمال قدرته وحكمته. والمؤمن الحق هو من يسلّم أمره لله، ويجتهد في طاعته، ويوقن أن ما عند الله خير وأبقى. وبذلك يعيش في طمأنينة دائمة، متيقناً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
